أهمية أوميغا 3 للجسم ومصادر الحصول عليها
لا
شك في أن الكثير من الآباء يتشاركون الاعتقاد في أن كلمة دهون تعني
بالضرورة غذاء ضارا، وهو اعتقاد خاطئ؛ إذ إن الدهون مواد غذائية، وتناولها
بالشكل المناسب يكون مفيدا، بل وضروريا للجسم خاصة للأطفال الصغار، حيث إن
الجسم يحتاج الدهون في بناء الخلايا العصبية وبناء الهرمونات، وأيضا وفي
حالة عدم استخدام الدهون يتم تخزينها في الجسم على هيئه خلايا دهنية يمكن
أن تكون مصدرا للطاقة في حالات وجود خلل في تمثيل الكربوهيدرات. وفضلا عن
ذلك، يحتاج الجسم الدهون لامتصاص بعض الفيتامينات المهمة مثل فيتامينات
«إيه» (A)، و«دي» (D)، و«إي» (E)، و«كيه» (K) التي يطلق عليها الفيتامينات
التي تذوب في الدهون fat soluble (أي تحتاج لوجود الدهون كي يتم امتصاصها).
وهناك
دهون غير مشبعة (Unsaturated fat)، وهي من الدهون المفيدة. ومن هذه الدهون
المفيدة، قد يكون اسم «أوميغا3» ((Omega – 3 الأكثر شهرة بالنسبة للكثير
من البالغين، خاصة الذين يعانون ارتفاعا في نسبة الدهون بالدم، حيث إنها
تلعب دورا مهما في خفض نسبة الدهون في الدم، خاصة الدهون الثلاثية. ولكن
يبقى استخدامها محدودا في الأطفال والمراهقين رغم فوائدها المتعددة لكل
الأعمار، وهو ما أكدته أحدث الدراسات التي قام بها باحثون من جامعة بيتسبرغ
بالولايات المتحدة الأميركية التي نشرت في مجلة الطب النفسي وحيوية الجسم
(Biological Psychiatry) في شهر يوليو (تموز) من العام الحالي.
أوضحت
الدراسة التي أجريت على فئران التجارب أن نقص «الأوميغا 3» في الطعام يؤدي
إلى زيادة القلق والنشاط المفرط في الجيل الثاني من الفئران التي عانى
آباؤها أيضا نقصا في «الأوميغا 3». وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على
المراهقين الذين كانوا لآباء يعانون نقص «الأوميغا 3»، مما قد يؤدي إلى
زيادة معدلات القلق والتأثير على ذاكرة الأطفال والمراهقين وقدرتهم
الإدراكية. وقال الباحثون إن الاعتقاد السائد أن القلق في هذه الفئة
العمرية كان دائما نتيجة لأسباب بيئية واجتماعية في الأشخاص المهيئين نفسيا
لذلك، ولكن هذه التجربة أشارت إلى أن التغذية قد يكون لها عامل مؤثر أيضا،
وأن نقص بعض المواد يؤثر في السلوك. وليس نقص هذه المواد الغذائية في
غذائهم فقط، ولكن أيضا نقصها في غذاء والديهم.
وتأتي
أهمية هذه الدراسة من أن فترة المراهقة من الفترات الحرجة في النمو النفسي
ويمكن أن تؤثر سلبا على صحة المراهق النفسية وإصابته بانحرافات في السلوك؛
مثل الإدمان أو بعض الأمراض النفسية مثل الفصام، وهو أمر شديد الأهمية،
حيث إن تناول الغذاء الصحي لا يؤثر على الأشخاص فقط ولكن أيضا على أولادهم.
وبطبيعة الحال، فإن معظم آباء
المراهقين الآن قد ولدوا في الستينات أو السبعينات، وقد شهدت هذه الفترة
نقصا في الزيوت التي تحتوي على «الأوميغا 3» وحلت محلها الزيوت مثل زيت
الذرة وزيت الصويا، وأصبحت واسعة الانتشار بجانب أنها الفترة التي شهدت
أيضا تحول مراعي الماشية من الحشائش إلى الحبوب والحشائش والطحالب الغنية
بـ«الأوميغا 3»، وهو الأمر الذي ما زال مستمرا حتى الآن، إذ إن كثيرا من
الحبوب التي تتغذى عليها الماشية تفتقر إلى الأحماض الدهنية الأساسية
(essential fatty acids).
ورصدت الدراسة أن نقص «الأوميغا 3» يؤثر على البالغين والمراهقين إلا أن
درجة التأثير وطبيعته اختلفت، حيث كان المراهقون أكثر عرضة للقلق وزيادة
النشاط وصعوبات التعلم والقدرة على التعامل مع المشكلات وحلها. ولاحظوا
تغيرا في منطقه معينة في المخ مسؤولة عن اتخاذ القرار، وذلك هو السبب في
عدم تأثر البالغين بشكل واضح بنقص «الأوميغا 3» في غذائهم. والمعروف أن
«الأوميغا 3» من الأحماض الدهنية المفيدة التي لا تؤذي الجسم وتفيد في
الكثير من الوظائف الحيوية فهي:
*
تعتبر مضادة للالتهاب، وكما أثبتت بعض الدراسات أن أغذية الرضع المطعمة
بـ«الأوميغا 3» تزيد من القدرات الإدراكية للطفل، كما أن الأطفال الذين
تناولت أمهاتهن «أوميغا 3» في فترة الحمل سجلوا درجات أعلى من أقرانهم في
اختبارات الذكاء عند عمر أربعة أعوام.
*
تحسن حالة الطفل المصاب بحساسية الصدر حسب دراسة في عام 2008 في حالة
تناول الأم «الأوميغا 3» أثناء الحمل، كما تحسن النمو، ويعتبر لبن الأم
مصدرا جيدا لـ«الأوميغا 3»، إلا أنه يتأثر بالكمية التي تتناولها منه.
*
هناك دراسات تشير إلى أن الأطفال الذين يعانون مرض فرط النشاط ونقص
الانتباه في الأغلب لديهم نقص في «الأوميغا 3». وتعتبر الأغذية التي تحتوي
على «الأوميغا 3» نوعا من أنواع العلاج يمكن أن يقلل من النشاط الزائد
وتحسن الانتباه.
* بعض الدراسات القليلة تشير إلى أن «الأوميغا 3» يمكن أن تفيد في علاج الاكتئاب عند الأطفال وكذلك تحسن من مرض السكري.
*
مصادر غذائية وتعتبر الأسماك الدهنية مثل التونة والسلمون والسردين من
المصادر الغنية بـ«الأوميغا 3»، وكذلك الزيوت مثل زيت الزيتون وزيت بذرة
الكتان، وحاليا هناك الكثير من الألبان والأغذية التي يتم تطعيمها
بـ«الأوميغا 3» وينبغي الوضع في الاعتبار أن «الأوميغا 3» لا تصلح بمفردها
كعلاج ولكن تكون مكملا غذائيا مع العلاج، وبالنسبة للأطفال الذين يتناولون
أي أدوية يمكن أن تزيد من سيولة الدم، يجب استشارة الطبيب قبل تناول
«الأوميغا 3». وفي النهاية، يبقى تناول غذاء متكامل وصحي من أهم عوامل
الوقاية من الأمراض للطفل والمراهق.