الجديد في عالم الديكور..الخط العربي يقتحم عالم الديكور .. بتكوينات هندسية وتجريدية
ومن ذاكرة المساجد والمشربيات والمنابر المزدانة ببعض الآيات القرآنية، والحكم والأشعار، وقصص ورموز الفلكلور، يخرج الخط العربي إلى دنيا الديكور، كما تقول المهندسة، حنان كارمة، أستاذة التصميم الداخلي والديكور باسم folk ar، أو الفن الشعبي، على أساس أنه فن فطري يمتاز بالتلقائية والبساطة.
وتضيف أنه طريقة حديثة للتعبير عن الأساطير والحكايات والملاحم والسير الذاتية والبطولات التاريخية على جوانب الجدران وقطع الأثاث وكأن هؤلاء الأبطال أصبحوا من سكان المنزل ويعيشون بيننا.
فالحروف العربية أصبحت حاضرة في حياتنا بدءا من الأزياء والحلي إلى الصناعات الخشبية والمعدنية والخزفيات والأكلمة والسجاد، لتعطينا شعورا بأننا نمتلك جزءا موروثا من بيوت أجدادنا يمكن أن نورثه لأجيال أخرى.
عندما فكرت كارمة في استخدام الحروف والرموز في الديكور، استلهمت أعمالها في تصميم الأثاث من مفهوم الفلكلور التطبيقي، حيث أعجبها هذا الموروث الشعبي وفكرت في كيفية توظيفه في مجال تصميم الأثاث، فهي تعتبر كل قطعة تصممها بمثابة راو خاص للسيرة الشعبية.
فهذه مكتبة تحكي قصة البطل «أبو زيد الهلالي» وحجرة الطعام تلك تقص حدوتة «بهية وياسين».
تشرح مهندسة الديكور: «هناك سمات وقواسم مشتركة بين الفلكلور والفن الحديث، أهمها بساطة اللغة التعبيرية والرمزية، والاهتمام بالألوان الساخنة أو المتناقضة لإظهار التحديدات الخطية، والتعبير عن الزخرفة الشعبية من خلال التجريد والتسطيح للأشكال والرموز المستخدمة، مثل: السمكة والقطة والنخلة والأرنب وعنقود العنب وحدوة الفرس بالإضافة إلى جميع الأشكال الهندسية مثل: الدائرة، الهلال، الكف، المربع، المثلث....الخ».
ويعد فن الخط calligraphy أحد المقومات المهمة في فن الفلكلور، وإذا ما تحدثنا عن فن الخط العربي على وجه الخصوص، فإنه يعد أحد العناصر الزخرفية المهمة في الفلكلور المصري والعربي، كونه مادة ثرية للإبداع، حيث تتعدد أنواع الخطوط العربية القديمة، بما يشكل إغراء قويا وفرصة للاستغلال أمام مصممي الأثاث والديكور.
وعلى ذلك، تنصح كارمة من يقبل على شراء مسطح خشبي لأي غرض بأن يعي معنى الحروف والرموز التي تتناثر على جنباته، فهناك الكثيرون ممن تثير الحروف فضولهم وتساؤلهم، لماذا هذا الحرف من دون غيره؟ ولماذا هذا الرمز هنا وليس بديلا له؟
وفي معرض الإجابة عن هذه التساؤلات يجب أن ندرك أن عملية الفهم والإدراك لا تنفصل عن القيمة الجمالية للقطعة نفسها، ومن النماذج التي صممتها كارمة:
حجرة طعام «بهية وياسين»
تعتمد على فكرة التجريد الهندسي للرموز والأشكال الهندسية الشعبية، فكل شكل بمثابة الرمز في الفن الشع
بي، فالدائرة هي الدنيا، وهي المولودة الأنثى، وهي ليونة الحياة والأرض والنماء، أما المربع المتجه برأسه لأعلى فهو رمز للذكور
ة والقوة والصلابة والثبات والنماء والطموح.
كذلك وحدة البوفيه السفلية الخاصة بحجرة الطعام، فهي عبارة عن أربعة أجزاء، الأيمن والأيسر عبارة عن أشكال مثلثة وهي رمز للحجاب في الفن الشعبي الحافظ للحب المتبادل بين بهية وياسين الشاخصين في منتصف الوحدة أو في قلبها، حيث الدائرة ترمز لبهية والمربع لياسين.
أما الدائرة الصغيرة داخل المثلث فهي العين الحارسة لهما تحميهما من حسد الآخرين وتحفظ حبهما للأبد، الأجزاء الكاملة لوحدة البوفيه اتخذت شكل الخط المائل كجزء من جسم الإنسان تأكيدا «لفكرة الانثروبولوجيا» في التصميم، وهي فكرة إصباغ صفة الجسد البشرى في التصميم.
أما الوحدة العلوية من تصميم البوفيه فتحمل نفس فكر التجريد الهندسي الذي يحمل بين طياته رمزي «بهية وياسين»، والتصميم في مجمله يعد حداثيا نابعا من فكر فلكلوري أصيل، بينما تلعب الألوان على التناقض بين البني الغامق بقشرة الجوز والكريم الفاتح للقشرة الزان تأكيدا «لفكرة تناغم المضادات في كل من الألوان الفلكلورية والفن الحديث».
المجلس الفلكلوري
يعد أحد العناصر التصميمية المهمة في المنزل، حيث تستخدم فيه وحدات تزيينية زخرفية طباعية على المسطحات الخشبية.
فبداية تصميم المكتبة نجدها على غرار التصميمات الحديثة في فكرة التقسيم أفقيا ورأسيا لتشكيل فراغات المكتبة الوظيفية للأجهزة الكهربائية والكتب، وكذلك مجموعة من المربعات تظهر وكأنها مجموعة من الأدراج في تقسيم المكتبات.
أيضا أضيفت مجموعة من المربعات يخترقها أسلوب الإضاءة غير المباشرة في ظهر المكتبة لإضفاء بعد رومانسي، خاصة مع إضافة بعض أفرع الزرع الجافة بها.
ودخل الخط العربي المطبوع أيضا على مسطحات المكتبة فهو ينبع من الخط الديواني الذي يتميز بالانسيابية والليونة في التشكيل، لكن يتم تطبيقه وتشكيله بأسلوب مبتكر كعنصر حديث في التصميم يتناسب مع الخطوط الهندسية التجريدية في تصميم المكتبة.
مناضد الحروف العربية
وهي مجموعة من المناضد مصممة على الطراز الحديث وبإيقاع التجريد الهندسي، منضدة الوسط تأتي على شكل متوازي مستطيلات غاية في التجريد والبساطة، لكن تم تخفيف حدة الكتلة الصماء لهذا المتوازي من خلال عمل أربعة أشكال على شكل عقود إسلامية بسيطة لإضفاء البعد الفلكلوري عليها، من خلال تلميح بسيط للفنون الإسلامية وتطبيق الطباعة الزخرفية لفن الخط العربي على المسطحات الخشبية للمنضدة.
أما المنضدة الجانبية فتحمل نفس الفكر التصميمي لتلك التي وضعت في الوسط، لكن مع تغيير في نسب البعد الإسلامي بما يتناسب مع حجمها.
أما الجانب التكنولوجي للمكتبة والمناضد فهي مصنوعة من الخشب الزان والكونتر المغطى بالقشرة البوبنجا، بدهانات غير لامعة بالبني المائل إلى الحمرة، مع الاحتفاظ بظهور أجزاع الخشب ظاهرة لإثراء قطعة الأثاث بمظهر الخشب الطبيعي.
كما تم طباعة الحروف العربية باللون البني الفاتح لتحقيق فكرة اللون الأحادي في التصميم عن طريق أسلوب الطباعة.
كونصول وحدات الفلكلور عبارة عن كونصول مكون من قطعتين، وحدة سفلية مكونة من خزانة تحوي ثلاثة أدراج بعرض واحد ومرآة حائطية مستديرة معلقة.
يصلح للمدخل أو فراغ المعيشة، فكرة التصميم نبعت من الوحدات الزخرفية الهندسية الفلكلورية المميزة للأزياء الشعبية كالمثلثات والمربعات والدوائر وخطوط الزجاج، حيث زين الجزء السفلي للكونصول والممثل في أوجه الأدراج الثلاثة بزخرفة هندسية نابعة من جلابية المرأة السيناوية بنفس تقسيمها الهندسي.
أما الجانبان الحاملان للوحدة فيتميزان بخط زجزاج كتجريد للنخلة وهو عنصر طبيعي طالما استخدم في الفنون الشعبية، لكنه يقدم الآن بأسلوب تجريدي متماشيا مع اتجاه ما بعد الحداثة في التصميم.
أما المرآة العلوية المعلقة على الحائط فاتخذت الشكل الدائري وقسم إطارها مركزيا إلى مجموعة المثلثات الاسكاتية مع تزينها بشريط من الجلد الشمواه المستلهم من الأزياء الشعبية أيضا.
أما الخلطة اللونية في التصميم فقد استخدمت فكرة التضاد اللوني الممثل في اللونين البني الداكن والكريم الفاتح نابعا من فكر فلكلوري نوبي، حيث استخدمت الزخرفة الهندسية ذات اللون البني الداكن على جدران المنازل النوبية المطلية باللون الكريم الفاتح، مما يضفى تأكيدا وإثراء لتلك الوحدات.
كما استخدمت القشرة الزان وتقديمها بلونين متضادين هما البني الغامق والأحمر الغامق لتأكيد فكرة التصميم المفعم بالحيوية والحس الشعبي، مع إضافة المسامير الفضية كعنصر تزيين أساسي في قطع الأثاث.
ونجد أنه يمكننا وضع كنبة أمام المجلس لتأكيد الحس الشعبي، فهي مكسوة بقماش القطيفة القطني الذي يجمع بين ثراء المظهر ونعومة الملمس وراحة الجلوس.
مقاعد الحروف العربية من دون ظهر: Arabian letters stools مقعد من دون ظهر على شكل مكعب كأحد الأشكال الهندسية التجريدية النقية.
أما التنجيد في المقعد فقد أضيف بشكل غير تقليدي، حيث ظهر في صورة مسطحين مستويين بشكل زاوية قائمة كتأكيد على فكر التجريد الهندسي في التصميم مع تحقيق راحة الجلوس في آن واحد، وكذلك تم تطبيق زخرفة الحروف العربية بأسلوب الطباعة على مسطحات الخشب لإضفاء البعد الفلكلوري على التصميم